هل صحيح أن السيد الخوئي لا يشترط أن يكون المرجع شديد الحب لأهل البيت عليهم السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

ما رائي ياسر الحبيب بكلام الخوئي حين قال في كتابه "التقليد في شرح العروة الوثقى" في الجزء الاول : وأما الرواية الثانية فهي غير معمول بها قطعاً ، للجزم بأن من يرجع إليه في الأحكام الشرعية لا يشترط أن يكون شديد الحب لهم أو يكون ممن له ثبات تام في أمرهم (عليهم السّلام) فإن غاية ما هناك أن يعتبر فيه الايمان على الوجه المتعارف بين المؤمنين ، إذن لا بدّ من حملها على بيان أفضل الأفراد على تقدير تماميتها بحسب السند.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بمراجعة الشيخ،

إن الناس يتفاوتون في الإيمان، فيتفاوتون في حبهم عليهم السلام، فمنهم مَن يكون حبه أشد من حب غيره. ولا كلام - بالمحصلة - في شرطية توافر حبهم في المرجع لأنه شرط الإيمان، إنما الكلام في شرطية أن يكون أشد حبا. لا سبيل لهذا الثاني؛ للأدلة الدالة على كفاية الإيمان في المرجع، أي أن يكون محبا شيعيا، كقوله عليه السلام: «لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا»، فلزم حمل قوله عليه السلام: «فاصمدا في دينكما على كل مسنٍّ في حبنا» على كونه أفضل الأفراد، أي أنه إذا دار الأمر بين الرجوع إلى المحب والرجوع إلى الأسنِّ أو الأشد حبا؛ فالثاني أفضل وأكمل.

وهذا معنى كلامه رحمه الله، لا يستوعبه أصحاب الظواهر البالونية والغوغاء سفهاء الأحلام، إنما يستوعبه أهل الحلم والعلم.

وعلى منواله ما ورد من قوله عليه السلام: «يؤم القوم أقرؤهم»، فإنه ليس معناه عدم جواز الائتمام بمن دونه إذا كان عادلا ضابطا للقراءة، وإنما معناه أن الائتمام بالأقرأ هو الأفضل الأولى. وهذا كله من سماحة الشريعة، فلا تصغِ للمعتوهين الذين يبتغون تضييق ما وسّعه الله سبحانه، الذين يسخر العقلاء من تهافتهم، فهم من جانب يزعقون بعدم جواز أخذ معالم الدين إلا ممن كان شديد الحب للأئمة عليهم السلام، وغرضهم من هذا تنقيص المراجع بدعوى أنهم لا يشترطون ذلك، وهم من جانب آخر ينادون بنبذ علم الرجال وقبول الروايات وإن كانت ضعيفة مع أن مؤدَّاه أخذ معالم الدين من كل من هبَّ ودبَّ حتى وإن كان عدوا أو مخلطا فضلا عمَّن لا يكون شديد الحب والاعتقاد! وغرضهم من هذا تنقيص المراجع أيضا بدعوى ردهم لروايات أهل بيت العصمة عليهم السلام!

ففي كل الأحوال لا تجد لهؤلاء السفهاء من منهج ثابت قارٍّ، فالتهافت والتقلب ديدنهم، وما ذلك إلا لامتطائهم من إبليس الذي يريد بمكره إزالة مقام المرجعية والفقاهة من عالم التشيع حتى يضيع دين الله ويكون عرضة للأهواء والأذواق والإفتاء عن جهل وغباء.

ولا يفوتنا هنا أن نذكر أنّا نرى في قوله عليه السلام: «فاصمدا في دينكما على كل مسنٍّ في حبنا وكل كثير القدم في أمرنا فإنهما كافوكما إن شاء الله تعالى» إنما يراد به الخبرة والتضلع، المكنى عنه هنا بهذا التعبير، لا كما فهمه المرجع الخوئي وغيره. فيكون - في الحقيقة - من أدلة طلب الأعلمية.

وأما أن المؤمنين يتفاوتون ومع ذلك يبقى عنوان الإيمان جامعا لهم؛ فتدل عليه أدلة متضافرة منها ما رواه ثقة الإسلام الكليني رحمه الله عن سدير قال: «قال لي أبو جعفر عليه السلام: إن المؤمنين على منازل، منهم على واحدة، ومنهم على اثنتين، ومنهم على ثلاث، ومنهم على أربع، ومنهم على خمس، ومنهم على ست، ومنهم على سبع، فلو ذهبتَ تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقوَ، وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقوَ، وعلى صاحب الثلاث أربعا لم يقوَ، وعلى صاحب الأربع خمسا لم يقوَ، وعلى صاحب الخمس ستا لم يقوَ، وعلى صاحب الست سبعا لم يقوَ، وعلى هذه الدرجات» (الكافي الشريف ج2 ص45).

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

22 ذو القعدة 1443 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp